بعد عشرين سنة من اعتزال الإطلالات الإعلامية والحوارات الصحفية، تمّكنت مجلة "الشروق العربي" أخيرامن اقتحام العالم الخاص لمذيعة الزمن الجميل للتلفزيون الجزائري-البرلمانية "نعيمة ماجر"، أو كما يحلو للبعض أن يلّقبها بصاحبة الثورة غير المسبوقة للحجاب في التلفزيون.. ففي بيتها الأنيق ببلدية "القبة" فتحت لنا السيدة ماجر قلبها وعقلها، وتنوع حديثنا معها بين الحجاب وذكريات عملها الطويل في التلفزيون والرجال الذين أثروا في حياتها وغيرها من المواضيع.
**لو عدنا بك الى الوراء وتحديدا الى سنة 94 حين قررت ارتداء الحجاب والظهور به أمام ملايين المشاهدين..ماذا تبقى لك من ذكريات هذا اليوم؟
تنهدت ثم قالت: أنت تعود بي عشرين عاما الى الوراء وتحديدا الى أجمل سنوات عمري التي قضيتها في التيليفزيون الجزائري، وردا على سؤالك فالمعروف لدى كل المقربين مني ميلي للتدين كما أن الحجاب بالنسبة لي فرض من فرائض الله، أذكر أن ذلك كان في أول يوم من شهر رمضان وبمجرد أن ارتديته شعرت براحة نفسية لا تضاهيها اية راحة أخرى.
وكانت مفاجأة للمشاهد ولمسؤولي التليفزيون في ذات الوقت؟
نعم.
بالإضافة الى الشاشة وأضوائها كلمينا على تجربتك في الرقابة؟
مهمة الرقابة في التلفزيون من أهم المهن، لذلك يجب أن تتوفر في الرقيب المبرمج صفات محددة، فهو الذي يختار للمشاهد ما يراه مناسبا وعليه وجب أن يتوفر لديه الحس الفني الرفيع والثقافة العامة وكذلك الالمام بالسياسة والعلوم والتاريخ والأدب والدين..حتى يفصل بين الغث والسمين من الأعمال التلفزيونية، فيرقى الى أذواق المشاهدين على اختلافها، فمهمة الرقيب لا تقتصر على البرمجة الزمنية بل تتعداها الى البرمجة النوعية والبرمجة المناسباتية وليست مجرد حذف للقطات المخلة بالحياء.
** هل مرت عليك فترة ندمت فيها على قرارك ارتداء الحجاب؟
– أبدا.. لأنني ارتديته عن اقتناع، ووقتها أذكر أنني كنت أقدم برنامج "تذكر واطلب" الذي استقر بعدها على صبيحة شاكر.
على ذكر الاعلامية صبيحة شاكر، علمنا أنها تمر حاليا بأزمة صحية، فهل ما زلت على تواصل معها؟
طبعا وبشكل يكاد يكون يوميا، صبيحة اختي وصديقتي وزميلة أجمل سنوات عمري في التلفزيون الجزائري وان شاء الله محنة وتمر.
** من تتذكرين من مذيعات الزمن الجميل؟
كلهن في وجداني، السيدة الراقية أمينة بلوزداد، السيدة فتيحة صاحبة أجمل ابتسامة، السيدة ليلى التي أحيلت على التقاعد دون أن يستفيد التلفزيون من خبرتها وباعها الطويل في مجال الاعلام، السيدة فضيلة، السيدة نصيرة، السيدة صبيحة شاكر والسيدة حفيظة بن زعيم..لكل واحدة منهن مكانة خاصة في قلبي.
ماذا قدمت نعيمة للتلفزيون؟
قدمت له أجما أيام عمري و جهدي واخلاصي والكثير من التضحيات.
** في مقابل كل هذا، ماذا قدم لك التلفزيون الجزائري؟
-قدم لي الكثير، أهمه حب الناس واحترامهموهي نعمة لا تقدر بثمن، تصور أن المواطنين مازالوا يقصدونني بصفتي الأولى المذيعة ثم البرلمانية وهذا يسعدني.
** علاقتك مع شقيقك اللاعب الدولي رابح ماجر كيف تصفينها؟
-نشأت أناوأخي رابح (مصطفى) في أسرة متماسكة متحابة وفرت لنا كل سبل النجاح، هو أجمل هدية من أمي وأبي، شقيقي وسندي الذي أعتز وأفتخر به لما يتحلى به من مكارم الأخلاق وروح المسؤولية اتجاه أهله ووطنه، وكل هذا من رضا الله ورضا الوالدين.
**هل ترين أن رابح ماجر ظلم؟
- نعم، والكل يعلم ذلك..أخي رابح قدم الكثير للرياضة الجزائرية في حين غيره يستثمر في انجازات الاخرين الجاهزة، وعزاؤنا :"بلادي ولو جارت عليّ عزيزة وأهلي ولو ضنوا عليّ كرام"!
** كنت من بين عضوات البرلمان اللاتي دافعن عن حرية ارتداء المرأة الجمركية للحجاب، وهو الأمر الذي أثار امتعاض البعض؟
- أناأثرت هذا الأمر ليس لأني محجبة، ولكني دافعت على المبدأ ومن باب أنها حرية شخصية.
"عفا الله عما سلف"
** منذعشرين سنة لم تظهري خلالها في أي من وسائل الاعلام، لماذاهذه العزلة؟
-هي ليست عزلة بقدر ماهي حرص على صورتي، خاصة بعد دخولي عالم السياسة.. كنت لسنوات طويلة أطل عبر التلفزيون، شبعت خلالها شهرة وأضواء، واعتقد أن الناس صارت تعرف عني كل شيء، من هنا اعتذرت عن اللقاءات الصحفية وليس لشيء آخر.
** كثيرون يجهلون كيفية التحاقك بالتلفزيون الجزائري؟
- كان لي الحظ أن عشت الزمن الذهبي والجميل للتلفزيون.. دخلته عن طريق "التلفزيون المدرسي"، وأنا بعد تلميذة في ثانوية "عائشةأم المؤمنين" عندما اختاروني ضمن كوكبة من التلميذات النجيبات للمشاركة في دروس الفلسفة المتلفزة الموجهة لأقسام البكالوريا.
** وماذا حصل بعد ذلك؟
- اختارتني عين الكاميرا، وكان المرحوم بشير خلدون مدير الدائرة الثقافية أنذاك هو من اقترح عليّ تقديم برنامج للأطفال.
** وهل قبلت العرض بسرعة؟
- نعم، وأذكر أني فرحت كثيرا لأن مُيولي فنية وأحب التلفزيون. وكان شرط أهلي أن لا أهمل دراستي. وبعد نجاحي في اختبار الصوت والصورة واللغة، أوكل لي تقديم برنامج الاطفال "الحديقة الساحرة" لتتوالى بعدها البرامج التي قدمتها على غرار "بين الثانويات" و"مجلة المرأة"، كما قدمت برامج فنية مثل "واحد من ثلاثة" و"تذكر واطلب" وغيرها من البرامج المناسباتية والأسابيع الثقافية خارج الوطن وعضويتي في لجان التحكيم في بعض المهرجانات العربية.
** ما أهم برنامج قدمتيه؟
- برنامج خاص مع الفنانة المصرية الكبيرة نادية لطفيعلى خلفية مجزرة "صبرا وشاتيلا"، حيث اكتشفت الوجه الآخر لهذه الفنانة الجميلة.
** هل تشعرين أن التلفزيون ظلمك بسبب الحجاب؟
- عفا الله عما سلف، التلفزيون بيتي الثاني ولي فيه إخوة وأخوات أعتز بهم.
** من هم الرجال الذين أثروا في حياة السيدة نعيمة ماجر؟
- كثيرون..سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أولهم والدي -رحمه الله- برجاحة عقله وحكمته، وشقيقي محمد بثقافته العالية، المرحوم عبد الحميد مهري الذي هو بمثابة الأب الروحي لي..
أما الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه فلساني يعجز عن التعبير عن مدى حبي له،وسيف الله المسلول خالد بن الوليد،وأتمنى بل أدعو القائمين على الثقافة في بلادي أن يخصصوا عملا ملحميا لتسجيل بطولات البطل الأمازيغي المسلم طارق بن زياد.
** هل زرت معرض الكتاب الأخير؟
- طبعا، واقتنيت منه بعض الكتب بالإهداء على غرار "مذكرات الأمين بشيشي"، و"عبر الزهور والأشواك" لزهور ونيسي، و"الولاة في الجزائر في خدمة من؟"، و"مذكرات مجاهدة" لزهرة ظريف وغيرها، وقد أبهرني الاقبال الكبير للمواطنين على اقتناء الكتب وهذا يبشر بالخير.
** هل أنت إسلامية أم ديمقراطية أم ماذا؟
- أنا مسلمة والحمد لله، جزائرية حتى النخاع، أتبنى مقولة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا".
** كلمة أخيرة؟
اسمحولي أن أزف من خلال مجلتكم المحترمة تحية حب وتقدير وعرفان الى كل من علمني حرفا في كل مراحل دراستي، ومن خلالهم كل المعلمين والاساتذة في كل ربوع الجزائر وأردد قول الشاعر:
"قم للمعلم وفه التبجيلا..كاد المعلم أن يكون رسولا"
- أتمنى أن أكون عند حسن ظن جميع من انتخبوني.. وإن شاء الله أخدم مصالحهم، لأن هذا هدفي الأول والأخير.. وتحية إلى كل قراء "الشروق العربي" و"اليومي" وشكرا.
حاورها: رابح علاوة / تصوير: نبيل وخالد
منقوله من الشروق العربي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق