-->

السبت، 30 يناير 2016

المواد الإباحية | ضرر يتغيّر بسرعة

ضرر المواد الإباحية يتغيّر بسرعة

كثيراً ما يشير المشككون بضرر المواد الإباحية إلى أن المواد الإباحية كانت موجودة منذ مدة طويلة، ففي النهاية، حتى رجال الكهوف كانوا يرسمون رسومات جنسية على جدرانهم الحجرية، وكان اليونان القدماء يرسمونها على آنيتهم، لكن مقارنة الرسومات القديمة على الأوعية الفخارية مع الدفق اللانهائي من مقاطع الحركة التي تصوّر كل فعل جنسي متصور، والمتوفرة لـ 24 ساعة عبر أجهزة بحجم الجيب لا يشبه تماماً مقارنة التفاح بالتفاح.

إذاً ما الذي تغيّر؟ مثل معظم التحولات الثقافية، لا يحصل شيء في ليلة واحدة، فالأمور كانت تطبخ بالفعل منذ 1953، العام الذي نشر فيه هاج هيفنر الإصدار الأول من مجلة بلاي بوي.

وأصبح الجنس جزءاً أكثر بروزاً من التحول الثقافي الأمريكي جزئياً بسبب د.ألفرد كينزي، الذي نشر بعد خمس سنوات من ذلك التاريخ كتاباً مثيراً للجدل لكن شهيراً بشكل لا يصدق كذلك حول النشاط الجنسي. (2) واشتهر كواحد من أوائل العلماء والكتاب للتحدث بانفتاح تام حول النشاط الجنسي. (3) وكنتيجة لذلك، انتهت كتبه من على الرفوف بشكل سريع جداً. (4)

واستثمر هيفنر هذه النزعة عبر مجلته، لكن ولأجل مضاعفة مبيعاته، كان عليه تغيير صورة المواد الإباحية؛ فبدل أن تكون شيئاً يملكه العم غريب الأطوار لصديقك، كان على المواد الإباحية أن تبدو أمراً سائداً. ولفعل ذلك، قام هفنر بوضع صور إباحية قرب مقالات وبحوث مكتوبة من قبل كتاب محترمين، بدت المواد الإباحية في مجلة بلاي بوي كأمر يسعى له الرجال الراقون.

حصل التحول الكبير الآخر في ثمانينات القرن العشرين، حين أتاحت أجهزة الفيديو VCR للناس مشاهدة الأفلام في منازلهم. (5) وعنى هذا بالنسبة لمستخدمي المواد الإباحية أنه مكان الحاجة للذهاب إلى مسارح الأفلام رديئة السمعة في النواحي المظلمة من البلدة، فكل ما كان عليهم القيام به هو الذهاب إلى الغرفة الخلفية في متجر تأجير الأفلام المحلي. بالتأكيد كان ما زال عليهم أن يذهبوا للبحث عنها، لكن أصبحت المواد الإباحية فجأة قابلة للورود بشكل أكبر.

ثم غيّر الإنترنت كل شيء. (6)

فبمجرد وصول المواد الإباحية إلى الشبكة، لم يكن يفصل من يملك اتصالاً بالإنترنت عن أشدها محتوى سوى بضع نقرات، (7) عندها تفجرت صناعة المواد الإباحية على الشبكة، وما بين عامي 1998 و 2007 نمى عدد المواقع الإباحية بنسبة 1,800%. (8) واستناداً إلى دراسة في العام 2004 للزحام على الإنترنت في شهر مايو من ذلك العام، فإن المواقع الإباحية كانت تتم زيارتها أكثر من مواقع گوگل، وياهو وبحث MSN مجتمعين. (9)

ولم تبق المواد الإباحية خلف الشاشة، فبعد أن أصبحت المواد الإباحية أكثر توفراً، وأقل تكلفة، وأكثر سرية في الاستخدام من أي وقت مضى، فإن عدد أكبر من الناس صاروا يتعرضون للإدمان. (10) وصارت تأثيراتها تغمر كل جوانب حياتنا. (11) والألعاب الإلكترونية صارت تصوّر خلاعة كاملة. (12) وألواح التزلج التي يتم تسويقها للمراهقين تُلصق عليها صور لممثلات إباحيات. (13) وحتى ألعاب الأطفال صارت ذات طبيعية جنسية أكثر مبالغة. (14)

تأثرت العروض التلفزيونية والأفلام كذلك بعد أن رفع المنتجون والكتاب المستوى بالمزيد من المحتويات المثيرة جنسياً لمواصلة الحصول على انتباه الجماهير المعتادة على المواد الإباحية. (15) فتضاعف تقريباً بين عامي 1998 و2005، عدد المشاهد الجنسية في العروض التلفزيونية الأمريكية. (16) ولا يحصل الأمر على برامج البالغين فقط، ففي دراسة أجريت في 2004 و2005، تضمن 70% من أكثر 20 عرضاً تلفزيونياً مشاهدة محتويات جنسية، بينما عرض ما يقارب النصف سلوكات جنسية. (17) .
ومع زيادة تشبّع مجتمعاتنا جنسياً، يعمد صانعوا المواد الإباحية إلى ضخ مواد شديدة أكثر فأكثر للتأكد من بقائهم في الصدارة. (18)

”قبل ثلاثين سنة كانت المواد الإباحية ’شديدة المحتوى‘ تعني التصوير الفاضح للجماع الجنسي، “، هذا ما كتبه د.نورمان دويج في كتابه حول علم الأعصاب الذي صدر مؤخراً، الدماغ الذي يغير نفسه. مضيفاً: ”لقد تطورت المواد شديدة المحتوى الآن وصارت تطغى عليها بشكل متزايد السمات السادومازوخية… وجميعها تتضمن سيناريوهات تدمج الجنس بالكراهية والإهانة، فالمواد الإباحية شديدة المحتوى اليوم تستعرض عالم الانحراف، بينما صارت المواد الإباحية خفيفة المحتوى ما كانت عليه المواد الإباحية شديدة المحتوى قبل عقود مضت… والصور الوديعة والخفيفة للسنين الماضية … صارت تظهر اليوم على الإعلام السائد طوال اليوم، ليتم إضفاء صبغة إباحية على كل شيء، بما في ذلك التلفاز ومقاطع موسيقى الروك، والأوبرا الصابونية (مسلسل تلفزيوني يومي له طابع درامي)، والإعلانات… وهكذا. “ (19)

ولا توجد مواد أكثر لتتم مشاهدتها فقط، لكن هناك طرق أكثر من ذي قبل لمشاهدتها أيضاً. (20) ولا نملك اليوم اتصالاً سريعاً بالشبكة فقط، لكننا صرنا نحصل عليها بنقرة من أجهزة ترافقنا لـ 24 ساعة في اليوم، وانتقلت العوائل من امتلاك حاسوب واحد مشترك إلى إمتلاك العديد من الحواسيب الشخصية، والهواتف الذكية، والألواح الرقمية، ومع إطلاقة جوجل جلاس Google Glass صار ممكناً امتلاك شاشة قادرة على الاتصال بالإنترنت قبال أعيننا في كل دقيقة من اليوم تقريباً.

مع ارتفاع مستوى توفر المواد الإباحية، كذلك ارتفعت تأثيراتها المدمرة على الناس (طالع المواد الإباحية مثل المخدر)، والعلاقات (طالع المواد الإباحية تقتل الحب)، والمجتمع ككل (طالع مقالات حول قضايا اجتماعية). (21) وكما كتب المعالج جون وودز مؤخراً: ”ما عادت المواد الإباحية مشكلة خاصة، إنها مشكلة صحية عامة.“ (22)

المقال بلغته الأصلية هنا


المصادر

[1] Stoner, J. and Hughes, D. (2010). Introduction. In J. Stoner and D. Hughes (Eds.) The Social Costs of Pornography: A Collection of Papers (pp. xv–xix). Princeton, NJ: Witherspoon Institute.
[2] Brown, T. M. and Fee, E. (2003). Alfred C. Kinsey: A Pioneer of Sex Research. American Journal of Public Health 93, 6: 896-897.

[3] Brown, T. M. and Fee, E. (2003). Alfred C. Kinsey: A Pioneer of Sex Research. American Journal of Public Health 93, 6: 896-897.

[4] Brown, T. M. and Fee, E. (2003). Alfred C. Kinsey: A Pioneer of Sex Research. American Journal of Public Health 93, 6: 896-897.

[5] McAline, D. (2001). Interview on American Porn. Frontline, PBS, August.

[6] Layden, M. A. (2010). Pornography and Violence: A New look at the Research. In J. Stoner and D. Hughes (Eds.) The Social Costs of Pornography: A Collection of Papers (pp. 57–68). Princeton, NJ: Witherspoon Institute; Paul, P. (2007). Pornified: How Pornography Is Transforming Our Lives, Our Relationships, and Our Families. New York: Henry Hold and Co., 3; McCarthy, B. W. (2002). The Wife’s Role in Facilitating Recovery from Male Compulsive Sexual Behavior. Sexual Addiction & Compulsivity 9, 4: 275–84; Schneider, J. P. (2000). Effects of Cybersex Addiction on the Family: Results of a Survey. Sexual Addiction & Compulsivity 7, 1 and 2: 31–58

[7]
 Layden, M. A. (2010). Pornography and Violence: A New look at the Research. In J. Stoner and D. Hughes (Eds.) The Social Costs of Pornography: A Collection of Papers (pp. 57–68). Princeton, NJ: Witherspoon Institute; Stoner, J. and Hughes, D. (2010). Introduction. In J. Stoner and D. Hughes (Eds.) The Social Costs of Pornography: A Collection of Papers (pp. xv–xix). Princeton, NJ: Witherspoon Institute.

[8] Websense Research Shows Online Pornography Sites Continue Strong Growth. (2004). PRNewswire.com, April 4.

[9] Porn More Popular than Search. (2004). InternetWeek.com, June 4.

[10] Schneider, J. P. (2000). Effects of Cybersex Addiction on the Family: Results of a Survey. Sexual Addiction & Compulsivity 7, 1 and 2: 31–58.

[11] Bridges, A. J. (2010). Pornography’s Effect on Interpersonal Relationships. In J. Stoner and D. Hughes (Eds.) The Social Costs of Pornography: A Collection of Papers (pp. 89-110). Princeton, NJ: Witherspoon Institute; Paul, P. (2010). From Pornography to Porno to Porn: How Porn Became the Norm. In J. Stoner and D. Hughes (Eds.) The Social Costs of Pornography: A Collection of Papers (pp. 3–20). Princeton, N.J.: Witherspoon Institute; Doidge, N. (2007). The Brain That Changes Itself. New York: Penguin Books, 102; Caro, M. (2004). The New Skin Trade. Chicago Tribune, September 19.

[12] Paul, P. (2010). From Pornography to Porno to Porn: How Porn Became the Norm. In J. Stoner and D. Hughes (Eds.) The Social Costs of Pornography: A Collection of Papers (pp. 3–20). Princeton, N.J.: Witherspoon Institute.

[13] Paul, P. (2010). From Pornography to Porno to Porn: How Porn Became the Norm. In J. Stoner and D. Hughes (Eds.) The Social Costs of Pornography: A Collection of Papers (pp. 3–20). Princeton, N.J.: Witherspoon Institute.

[14] Bridges, A. J. (2010). Pornography’s Effect on Interpersonal Relationships. In J. Stoner and D. Hughes (Eds.) The Social Costs of Pornography: A Collection of Papers (pp. 89-110). Princeton, NJ: Witherspoon Institute.

[15] Caro, M. (2004). The New Skin Trade. Chicago Tribune, September 19.

[16] Kunkel, D., Eyal, K., Finnerty, K., Biely, E., and Donnerstein, E. (2005). Sex on TV 4. Menlo Park, Calif.: The Henry J. Kaiser Family Foundation.

[17] Peter, J. and Valkenburg, P. M. (2007). Adolescents’ Exposure to a Sexualized Media Environment and Their Notions of Women as Sex Objects. Sex Roles 56, 5 and 6: 381–95.

[18] Doidge, N. (2007). The Brain That Changes Itself. New York: Penguin Books, 105.

[19] Doidge, N. (2007). The Brain That Changes Itself. New York: Penguin Books, 102.

[20] Layden, M. A. (2010). Pornography and Violence: A New look at the Research. In J. Stoner and D. Hughes (Eds.) The Social Costs of Pornography: A Collection of Papers (pp. 57–68). Princeton, NJ: Witherspoon Institute; Paul, P. (2007). Pornified: How Pornography Is Transforming Our Lives, Our Relationships, and Our Families. New York: Henry Hold and Co., 3; McCarthy, B. W. (2002). The Wife’s Role in Facilitating Recovery from Male Compulsive Sexual Behavior. Sexual Addiction & Compulsivity 9, 4: 275–84.

[21] Paul, P. (2007). Pornified: How Pornography Is Transforming Our Lives, Our Relationships, and Our Families. New York: Henry Hold and Co., 3, 19.

[22] Woods, J. (2012). Jamie Is 13 and Hasn’t Even Kissed a Girl. But He’s Now On the Sex Offender Register after Online Porn Warped His Mind. Daily Mail (U.K.), April 25.

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لـ بوابة الجزائر ©