أحدثت رسالة الرئيس بوتفليقة بمناسبة عيد النصر، وما خلفته من ردة سياسية عنيفة من قبل المعارضة، هزة في الوسط السياسي، ساهمت في التعجيل بعودة الحركية السياسية الغائبة منذ أشهر، والتي ميزها بروز الملفات والاستحقاقات المؤجلة في الواجهة.
وتشير المعلومات المسربة في هذا الصدد، إلى أن الرئيس بوتفليقة حسم أخيرا في مسألة ورشة تعديل الدستور، التي بقيت معلقة منذ إطلاقها من قبل القاضي الأول في خطابه الشهير في أفريل 2011، بينما كانت البلاد مهددة بموجة ما عرف بـ "الربيع العربي" حينها.
وتشير المصادر إلى أن الرئيس بوتفليقة قرر أخيرا تحاشي عرض مشروع تعديل الدستور على الاستفتاء الشعبي، بعد أن توجّس خيفة من عدم تجاوب الجزائريين مع هذا المشروع، وفضل الاكتفاء بإحالته على البرلمان بغرفتيه، وذلك في النصف الثاني من الشهر المقبل، بعد أن تكون هذه الورشة قد استهلكت أكثر من أربع سنوات من الوقت والجهد.
ويؤمن الرئيس بوتفليقة بأن الاكتفاء بتمرير الدستور على البرلمان دون الاستفتاء، كفيل بتضمينه ما يريد من نصوص، بالنظر لعدد النواب المشكلين لكتلة الموالاة (جبهة التحرير، التجمع الوطني الديمقراطي، الأحرار وحزب عمار غول..) داخل غرفتي البرلمان، بحيث يحظى بأغلبية جدّ مريحة فيهما معا.
ويكون القاضي الأول قد اقتنع أخيرا وبعد أربع سنوات من الانتظار، بصعوبة تحقيق الوعد الذي لطالما تحدث عنه في خطاباته، وهو إنجاز دستور توافقي، في ظل عزوف المعارضة عن المشاركة في المشاورات الأخيرة التي أدارها رئيس الديوان برئاسة الجمهورية، أحمد أويحيى، وعدم تجاوبها مع نداءاته الأخيرة.
غير أن الطرف الآخر ممثلا في المعارضة، أكد وما يزال بأن فشل مشروع الدستور التوافقي، لا تتحمل مسؤوليته سوى السلطة، طالما أن مقترحات المعارضة توجد لدى الرئاسة، كونها سلمتها في جلسة الحوار الأولى التي أدارها رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، رفقة المستشار بالرئاسة، محمد علي بوغازي، ومستشار الرئيس السابق للشؤون الأمنية، الجنرال المتقاعد، محمد تواتي.
وباتت مسألة مراجعة الدستور تشكل عبئا ثقيلا على السلطة، بسبب الجدل الذي استهلكته خلال السنوات الأربع الأخيرة، وهو ما وضعها (السلطة) أمام حتمية التخلص من هذا الملف حتّى توجه عنايتها لملفات أخرى تنتظر الحسم.
ومن شأن طي صفحة تعديل الدستور، التي تعثرت كثيرا بسبب المنعرجات التي دخلتها، والحسابات السياسوية التي غرقت فيها، أن يفتح المجال أمام العديد من الاستحقاقات التي كانت معطلة أو مؤجلة، وفي مقدمتها، التعديل الحكومي الذي أسال الكثير من الحبر في وقت سابق، غير أنه لم ير النور إلى غاية اليوم وكذلك الشأن بالنسبة لحركة الولاة ورؤساء الدوائر.. فالكثير من القطاعات الوزارية عاجزة عن إنجاز وعودها، بالإضافة إلى أن الكثير من الولاة ورؤساء الدوائر باتوا عبئا ثقيلا على التنمية المحلية.
كما سيقود الخلاص من ورشة الدستور، إلى تمكين حزب جبهة التحرير الوطني من عقد مؤتمره العاشر، الذي ما يزال مصيره مجهولا في ظل عدم تنصيب مكتب لجنة تحضير المؤتمر، الذي يعتبر الجهة التي بإمكانها وضع قطاع هذا الاستحقاق على السكة.
مصدر الخبر المنقول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق