-->

الأربعاء، 1 أبريل 2015

تعدد الزوجات تحوّل من حل مشكلة إلى مشكلة بلا حل!



كان التعدد ولا يزال قضية شائكة تثير الجدل بين النساء ولكن قد حسمها الشرع بحق الرجل بأن يتزوج حتى أربعة نساء، لكن أبت معظم قلوب النساء أن تقبل بأن تكون لها شريكة في زوجها وبيتها وحياتها... لذلك تتساءل معظم النساء لماذا قد يفكر الرجل في التعدد، ولماذا قد يبحث عن إمرأة أخرى؟

فقد يرى بعض الرجال أنه قد يتزوج بالثانية رغبة في الزواج وليس تقصيراً من الزوجة الأولى، بل يرى البعض الآخر أن جمال وروعة زوجته الأولى شجعته على الزواج من الثانية، في حين يرى معظمهم أن زواجه من الثانية هو تقصير الأولى في حقوقه ولذلك لجأ للبحث عن شريكه جديدة لحياته، والبحث عن منفذ جديد للسعادة.

وللبحث من وجهة نظر الطرف الآخر – الرجال - توجهنا إلى الإمام بالجمعية الشرعية المصرية الدكتور همام عبد المعبود والذي كان معه هذا الحوار:


 برأيكم ما هي أسباب توجه بعض الرجال إلى التعدد؟


1- إخفاق الزوج في اختيار الزوجة الأولى:
فعندما يتجاهل الشاب أو يجهلون، الضوابط والمعايير التي وضعها الشارع الحنيف للراغب في الزواج، والتي يمكن حصرها في الحديث الشريف الذي يرويه أبو هريرة (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلي الله عليه وسلم) قال: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها.. فاظفر بذات الدين تربت يداك" (رواه البخاري ومسلم).

2- سوء فهم الهدف الأساسي من الزواج:
وهو بناء أسرة مسلمة قوية، تكون لبنة قوية في بناء المجتمع المسلم، الذي هو الأساس السليم للأمة المؤمنة القوية؛ قال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) (الروم: 21)، فإذا كان أحدهما لا يدرك هذه الحقيقة فسيكون سببًا في فشل هذه الحياة الزوجية، وإنهاء الرحلة مبكرًا وذلك لفقدانه البوصلة الأساسية في هذه الرحلة.

3- الفشل في إدارة شئون الحياة الزوجية بمسئولية:
فالزواج شراكة عقدت بالتراضي بين الرجل والمرأة، نتنازل فيها كل منهما طواعية عن حياته الخاصة لصالح تكوين أسرة ناجحة، يتحمل فيها كل شريك ما عليه من واجبات قبل أن يطالب بما له من حقوق، ويدرك كلاهما أن تقصيره في أداء ما عليه سيعرض سفينة الزوجية للغرق، ومن ثم فلا مجال للأنانية ولا الذاتية فالمر جد خطير، فإذا لم يكن كلاهما أو أحدهما على هذه الدرجة من الوعي فلن يستطيع أن يكمل المسيرة.

4- الغش والكذب على الآخر قبل الزواج:
فلا شك أن الصدق والأمانة هما طوق النجاة، وسر النجاح في الحياة الزوجية، فإذا كذب أحدهما على الآخر أو غشه قبل الزواج، فإنه ولا ريب قد وضع عوامل الهدم قبل البناء، فالكثيرين اليوم – للأسف الشديد- يميلون إلى التزييف والخداع والغش في كل شيء؛ بدءً من وصف الشكل (الجمال) وانتهاءً بالسلوكيات (الكرم/ الشجاعة/ الحياء/ ...)، مرورًا برجاحة العقل، وحسن الفهم، وسعة الصدر، فإذا ما بدأت مشكلات الحياة ظهر كلٌ على حقيقته، فاستحالت الجنة المأمولة جحيمًا لا يطاق.

5- الخضوع للعادات القديمة أو الرغبات المكبوتة:
وأقصد بهما الرغبة في تقليد الآباء في التعدد، وعدم القدرة على تحمل ابتلاء الله عز وجل، الذي أصاب الزوجة فجعلها غير قادرة على الإنجاب، أو أنها لا تلد الذكور، وهي غير مذنبة في هذا، ولو أعمل الرجل عقله في الأمر، ووضع نفسه مكانها لما تصرف بهذه الطريقة التي يغلب عليها حب الذات، ونسيان الود والعشرة، وقد رصد القرآن بعض هذه السلوكيات في قوله تعالى: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ ساءَ مَا يَحْكُمُونَ) (النحل/ 58- 59).

6- وهناك أساب أخرى:
نجملها في (الرغبة الجنسية الزائدة عند الرجل والتي قد لا تتحملها زوجة واحدة)، و(الضعف أو البرود الجنسي للزوجة)، و(الفهم الخاطئ لأوجه صرف المال الوفير الزائد عن الحاجة)، و(مرض الزوجة بمرض لا يرجى شفاؤه)، وغيرها.

 وبرأيكم ما هي الشروط التي يجب أن تتوافر لأجل أن يقوم الرجل بالتعدد بما لا يجعل الأسرة الأولى تنهار؟

الإسلام قد أباح تعدد الزوجات، إلا أنه وضع عددًا من الشروط والضوابط التي يجب أن تتوافر له لكي يكون مشروعًا ناجحًا ولا يلقى مصير الزواج الأول، ومنها على سبيل المثال:-

1- الرغبة فيه:
بألا يكون قد تم إجبارًا من أحد " كالأم مثلاُ" ، من دون رغبة حقيقية من الرجل.

2- القدرة المادية:
إذ لا يعقل أن يقبل الرجل الفقير، الذي لا يملك شيئًا على الزواج الثاني، دون أن يملك مؤنته، ونفقاته، ونفقات ما يستجد من توابعه.

3- الصحة والقدرة الجنسية:
إذ لا يقبل عقلا أن يُقدِمَ رجلٌ يعاني من الضعف الجنسي، أو الأمراض الجسدية المقعدة على الزواج من أخرى، وهو لا يقوى على الحياة مع الأولى.

4- الفهم والوعي للحقوق والواجبات:
وهي أساس فلسفة العدل بين الزوجات، خاصة فيما هو مادي، كالمأكل والمشرب والملبس، والمنام، والاجتهاد في عدالة المشاعر والأحاسيس رغم صعوبتها قال تعالى: (وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا) (النساء/ 129).

5- حسن الاختيار:
وقد سبق الإشارة إليه في جواب السؤال السابق، مع الوضع في الاعتبار ما رواه عبد الله بن عمر بن العاص (رضي الله عنهما)، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وسلم): "الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة" (رواه مسلم).

6- الاستفادة من التجربة الأولى:
بأن نتجنب السلبيات وندعم الإيجابيات، حتى لا تتكرر المأساة، ونلجأ للزواج الثالث والرابع!!، ويصبح التعدد

 وبرأيكم في حال تقصير الزوجة الأولى.. ما هو دور الزوج معها قبل اللجوء لزوجة جديدة؟

الحقيقة أن تقصير الزوجة في بعض الأمور، الخاصة بالزوج، نتيجة الانشغال الدائم مع الأولاد في دراستهم، أو الاستغراق في قضاء مصالح البيت التي لا تنتهي، ليس مبررًا مقبولا للتعجيل بقرار التعدد، فخبرة الحياة علمتنا أن مشكلات كثيرة يتم التغلب عليها، بالشرح والتفهيم، أو بالتنبيه والتحذير، أو بالتذكير والتنوير، من خلال الزوج نفسه، وهذا هو الأولى، لأن كثيرا من تجارب فشل الزواج تخبرنا بان السبب هم الوسطاء، أو لعدم رغبتهم الداخلية الدفينة في عودة المياه لمجاريها.

وقد نبهنا الله عز وجل لهذا بقوله: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُّرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) (النساء/ 35)، ولذا فمن الضروري أن نحسن اختيار الوسيط سواء في مرحلة التفهيم بالحقوق والواجبات، والتذكير والتنبيه بالتقصير في حقوق الزوج، أو حتى في مرحلة الغضب أو ما قبل الانفصال، فنقدم المخلص على غيره، والمؤمن على غيره، والقريب على غيره، والرحم على غيره، وهكذا.

 وهل يعدد الرجل- في حين عدم تقصير الزوجة الأولى- بأن يهدم بيته - في حال طلبت الزوجة الانفصال- لأجل الزوجة الثانية؟

إذا كانت الزوجة غير مقصرة في أي حق من حقوق زوجها عليها، فإن منطق الرجل في التعدد يكون ضعيفًا، لأنه هو الذي اختارها زوجة له، وليست هي التي اختارته، والعاقل هو من يتحمل عاقبة اختياره ويرضى به، ويكل أمره إلى الله، قال تعالى: (... وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) (النساء/ 19)، وقال أيضًا: (... وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) (البقرة/ 216).  

وحري بالمسلم العاقل ألا يهدم بيته؛ لشهوة عابرة، أو رغبة جارفة، وأن يتعقل ويدرس الأمر من كل جوانبه، وليعلم أن الزواج الثاني سيضاعف مسئولياته، وانه وإن جلب دقائق أو ساعات لذة، فإنه سيجلب معه شهور وسنوات من المسئولية، وهو ما يستدعي منه أن يعيد النظر في الأمر، ويفكر مليًا، قبل أن يقدم عليه، وأن يضع في حسبانه أن زوجته الأولى قد تطلب الطلاق، ولا تقبل أن تكون "القديمة"، وانه قد يكون معه منها أولاد وبنات، قد يضيعوا إذا تزوجت من غيره، وهذا حقها، وقد تتبدد حياتهم إن عاشوا مع زوجة أبيهم!!.

 بماذا أمر الإسلام في العدل بين الزوجتين؟


الإسلام أمر في العدل بين الزوجتين بما يملك أن يعدل فيه الإنسان، كالمطعم والمشرب والملبس، والفراش، كما حث المرء على الاجتهاد في عدالة المشاعر والأحاسيس رغم صعوبتها؛ قال تعالى: (وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا) (النساء/ 129).

وتبقى كلمة أخيرة لكل زوجة ترغب في الحفاظ على زوجها، السعادة الحقيقة والرعاية الخاصة والاحتواء طريقكِ لملأ كل الفراغ بقلب الرجل، فلا تجد أي امرأة مكاناً لها من بعدكِ.


منقولة من جواهر الشروق

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لـ بوابة الجزائر ©