-->

الجمعة، 29 مايو 2015

عازبات‮ "‬يجمّدن‮" ‬البويضات للإنجاب في‮ ‬‭"‬سنّ‮ ‬اليأس‮"!‬


تجميد البويضات بـ3000 دج والأطباء يطالبون بترخيص تحديد جنس المولود

اعتبرها البعض "طابو" أخلاقي وقانوني، فيما يراها المُختصّون قفزة مُذهلة في طبّ الإنجاب المدعّم...هي بنوك حفظ النسل التي تعتمد على تجميد بويضات العازبات، مِمّن تأخرن في الزواج أو فضّلن الدراسة والوظيفة على تكوين أسرة، وأخريات ابتلاهن المولى سبحانه بداء خبيث يرهن أملهنّ في الإنجاب...وتُستعمل بويضاتهنّ بعد زواجهن لحصول حمل، العملية تمارسها بعض العيادات بالجزائر في ظل فراغ ديني وقانوني، مايهدد بالتلاعب بالأنساب وسط تحذيرات الأطباء وتساؤلات المختصين عن مصير العذرية، كيف نتفادى سرقة البويضات، ما الحل عند الوفاة أو عدم الزواج؟ والأهمّ هل هي حلال أو حرام...؟
عندما قرّرنا التحقيق في موضوع تجميد بويضات العازبات في الجزائر، وجدنا صعوبة بالغة في البحث عن مصادر، فغالبية المختصين في طب النساء والتوليد، سواء بالقطاع العمومي أو الخاص وحتى رجال دين أكّدوا استحالة وجود هذه العمليات في الجزائر، وأنه لا فكرة لديهم عن الموضوع، غير أن زيارتنا لأربعة مراكز مُتخصصة في طب الإنجاب المدعم بالعاصمة، كشفت لنا حقيقة إجراء هذه العملية بالجزائر، وأن فئة كبيرة من العازبات على علم بالموضوع، بل وهُنّ على استعداد لإجرائها، والموضوع لا يزال"طابو" في ظل إجراء هذه العمليات في العديد من العيادات الخاصة وعلى مرأى من وزارة الصحة.  
يعتبر تجميد بويضات العازبات من الإشكالات المطروحة عالميا في طب المساعدة على الإنجاب، ويُطلق عليه اسم "تجميد البويضات" في إطار المساعدة الاجتماعية، في فرنسا العملية مقتصرة على بعض الفئات، أما بالدول العربية فالعملية تحكمها أبعاد أخلاقية ودينية واجتماعية، تسمح بها قلة من الدول على رأسها تونس، ووجد المختصون أنفسهم مُجبرين على اقتراح هذه العمليات، بعد تأخر سن الزواج لعدد كبير من النساء إمّا بسبب الوظيفة أو الدراسة أو إعالة أسرهن بعد وفاة الوالدين، فتتزوجن وهنّ في سنّ اليأس لا أمل لديهن في الإنجاب، ويبقى أهم دافع للعملية مرض السرطان خاصة القابل للشفاء منه، مثل سرطان الثدي والدم، والذي يهدد بعُقم الفتاة العازبة بعد خضوعها لجلسات العلاج الكيميائي وبالأشعة، فيقترح الأطباء مساعدة هذه الفئات على الإنجاب مستقبلا، حيث يتم تنشيط بويضاتهن وهن عازبات وقبل خضوعهن لعلاج السرطان، عن طريق هرمونات شرط عدم انقطاع حيضهنّ، ثم استخراج البويضات وتجميدها بتخفيض درجات الحرارة من37 إلى195 درجة مئوية تحت الصفر، وبعد زواج الفتاة يتم تلقيح بويضاتها المجمدة مع زوجها لحدوث حمل. 


الدكتور شريف نذير مدير عيادة "فريال" بباب الزوار 
نجمد البويضات والنطاف بـ 3000 دج لمساعدة المرضى على الإنجاب 

قصدنا مركز طب الإنجاب "فريال" المتواجد في باب الزوار بالعاصمة، يديره المختص في طب النساء والتوليد والعقم الدكتور شريف نذير الذي يجري عملية تجميد بويضات العازبات، و"فريال" أول مركز خاص تحصل على الاعتماد من وزارة الصحة، وساهم طيلة 15 سنة من النشاط على ولادة قرابة 3 ألاف طفل، ومؤخرا أدرج عمليات حفظ نطاف رجال عزاب، حيث وصل عددهم إلى 50   عينة، وهم رجال مصابون بأمراض سرطانية  .
أما بخصوص تجميد بويضات العازبات فالعيادة أطلقت هذه العملية منذ سنتين، وحتى وزارة الصحة لم تُبدِ رأيا في الموضوع، وحسب الدكتور تجميد بويضات العازبات ممّن تعدّيْن 34 سنة أفضل الحلول للإبقاء على أمل الإنجاب لديهن إذا تزوجن في سن اليأس، أو خضعن قبل الزواج لعملية استئصال  للمبيض، أو هن مهددات بانقطاع الطمث المبكر لعوامل مختلفة، وأهمّ تساؤل يتبادر إلى الذهن: هل يُؤثر استخراج البويضات من جسم عازبة على عذريتها؟ يجيب محدثنا "نستعمل في العملية جهازا جدّ رفيع لن يؤثر على العذرية، وفي حال مريضة السرطان أرى أن الضرورة تبيح المحظور، فهل نحرِم شابة من الإنجاب، فقط للحفاظ على عذريتها؟؟ الموضوع يتطلب رأيا من أهل الفتوى والتفاتة من وزارة الصحة، لأن العملية صارت مطلوبة من النساء..."وتكلف هذه العملية في عيادة (فريال) سواء للرجال أو النساء مبلغا بسيطا يقدر بـ3 ألاف دج كل سنتين، بعد إبرام عقد رسمي بين العيادة والمعني، مع اشتراط حضوره كل سنتين إلى المركز للتأكيد على حياته، وفي حال الوفاة أو التخلف عن الحضور ترسل العيادة بريدا رسميا للمعني، وفي حال عدم الرد لمدة تفوق 3 سنوات تُتلف البويضات أو النطاف بطريقة قانونية  .
ونفى محدثنا أن تستعمل هذه البويضات للتبرع بها لأخرى لأنها تدخل في باب الحرام، واستفسارات كثيرة أخرى أهمها، هل بامكان المرأة استغلال الحيوانات المنوية المجمدة لزوجها بعد وفاته لحدوث حمل؟ رد الدكتور شريف نذير "موضوع التلقيح الإصطناعي فيه الكثير من الفراغات القانونية والغموض، فوزارة الصحة تتجاهل الموضوع كليا، فهي لا تجتمع مع مراكز الإنجاب لمناقشة أخلاقية هذه الممارسات، لوضع حد للتلاعبات، رغم النداءات المتكررة التي أطلقناها". 


موراد ديك مختص في العقم وبيولوجيا الإنجاب
تجميد بويضات العازبات سيستغله المتلاعبون إذا لم يُقنن

ومن المشككين في فعالية عملية تجميد بويضات العازبات، الدكتور موراد ديك مختص في أمراض النساء والتوليد، مختص في العقم وبيولوجيا الإنجاب، ومدير مركز طب الإنجاب"هبة الرحمان" ببرج البحري بالعاصمة، يقول للشروق "تجميد بويضات العازبات يحتاج لتقنين ولفتوى صريحة، من الناحية الطبية تعتبر قفزة نوعية، وهي تفتح باب أمل لمريضات السرطان، لكن تجميد بويضات العازبات هو ما سيطرح إشكالا، لوجود قيود اجتماعية وأخلاقية بالجزائر، فمثلا ماذا نفعل بالبويضات المجمدة إذا لم تتزوج الفتاة أبدا أو تُوفيت؟ 
القانون الجزائري يحدد فترة 5 سنوات لحفظ بويضات العازبات والأجنة، فلحد الآن لا يزال لدينا مشكل في إتلاف الأجنة المجمدة غير المستعملة، فما بالك ببويضة فتاة عازبة، هل لديك دينيا الحق في رميها؟ القانون الجزائري لم يفصل في الأمر ترك فراغا..، في عيادة "هبة" إتلاف البويضات والأجنة يكون بحضور محضر قضائي، بعد إرسال إعذارات للزوجين، وأود أن أوضح تجميد بويضات العازبات نسبة نجاحها تصل إلى 50 بالمائة أو أقل، على اعتبار أن البويضة هي أكبر خلية في الجسد، وتحتوي نسبة مياه مرتفعة فقد تتعرض أثناء التجميد إلى التّمييه، كما أن عذرية الفتاة تكون في خطر، على رجال الدين الفصل في هذا الموضوع، وحسب محدثنا "قانون الصحة الجزائري لابد أن يساير الوضع الراهن، لأن ما يعرقل عمل مراكز طب الإنجاب في الجزائر، عملها دون غطاء قانوني يحميها"، وأكد الدكتور ديك وجود طلبات من نساء عازبات قصدن عيادته للاستفسار عن الموضوع 
"قصدتْ عيادتنا حوالي10 شابات يسألن عن تجميد بويضاتهن، أحداهن في 39 من عمرها دون زواج مقبلة على تحضير رسالة دكتوراه، هي تريد إتمام دراستها لكنها متخوّفة من سن اليأس، وتأسّفنا لهن أننا لا نُجري هذه العمليات".


البروفيسور خوجة راسيم والدكتور بقاط
نتخوّف من المتاجرة في العملية واستعمالها غير الشرعي

اعتبر رئيس مصلحة جراحة النساء والتوليد بمستشفى بولوغين الدكتور خوجة راسيم للشروق، أن تجميد بويضات العازبات غير منظم قانونا، رغم أن العملية مفيدة للعازبات فوق سن الثلاثين ولعاملات المخابر اللواتي يتعرضن يوميا لإشعاعات قد تسبّب لهن العقم، لكن التخوّف في الموضوع هو من عملية المتاجرة في البويضات واستعمالها غير الشرعي. 

فيما اعتبر كل من رئيس مجلس أخلاقيات الطب بقاط بركاني ورئيس مصلحة طب النساء والتوليد بمستشفى بارني مجطوح مقران أن عملية تجميد بويضات العازبات تحتاج لتقنيات عالية وأجهزة جد غالية، ولا يمكن أجراؤها في الجزائر لعدم وجود تنظيم للعميلة.


نقيب الأئمة جلول حجيمي
غياب مفتي الجمهورية يجعل "تجميد البويضات" دون فتوى

اعتبر المنسق الوطني لنقابة الأئمة جلول حجيمي، أنّ مواضيع مُهمة على غرار التلقيح الاصطناعي وتجميد البويضات، تحتاج لأيام دراسية ونقاشات دورية تجمع المختصين ورجال الدين ووزارة الصحة..."رجل الدين ليس بإمكانه إعطاء حكم صريح، إذا لم يتناقش مع المختص ليشرح له العملية من جميع النواحي، فعملية أطفال الأنابيب معروف حكمها، هي حلال إذا كان التلقيح من زوجين مرتبطين شرعيا وقانونيا، ونحذر الجزائريين من العيادات الأجنبية التي قد تحيد عن الضوابط الشرعية"  .
ويضيف "في هذه المواضيع الحساسة وغيرها تظهر أهمية الإسراع لتنصيب مُفتي الجمهورية ولجنة إفتاء، تعطي رأيها في انشغالات المواطن وتساير التطور الحاصل، نحن يتصل بنا الأطباء لأخذ رأينا ولكن كأشخاص، في حين لم تتصل بنا أي هيئة رسمية"، ودائما نقول للمواطن اختر الطبيب المؤمن ذو الثقة، وبخصوص المطالب بالترخيص لتحديد جنس المولود، يقول حجيمي "الطب ليس علما دقيقا، لما لا نترك الأمور الغيبية للمولى عز وجل؟ وما أدراك أنه إذا اخترتُ طبيا إنجاب ذكر وليس أنثى، بأن الطفل سيكون صالحا ويرثُني مستقبلا، فلربما مات قبلي، ولربما كانت الأنثى أصلح منه".


المحامي إبراهيم بهلولي:
بنوك حفظ النسل يكتنفها فراغ قانوني رهيب

أكّد المحامي لدى مجلس قضاء الجزائر إبراهيم بهلولي، أن وزارة الصحة عليها تحديد نصوص قانونية تضبط مثل هذا النوع من العمليات، وفق نصوص تشريعية، حتى يتحمّل كل طرف مسؤوليته عند حدوث خطأ معين، فحتى لو كانت العيادة الطبية الممارسة ذات طابع استشفائي ومرخص لها بالنشاط، لكنها تبقى دائما بحاجة إلى نصوص قانونية، كما على وزارة الصحة تكثيف جانب الرقابة على العيادات الخاصة والزيارات الميدانية، للتحقق والتحري حول هذه المُمارسات....النصوص القانونية تحمي الطبيب أولا قبل المريض، وعلى الهيئات المسؤولة التحرك قبل وقوع الفأس في الرأس.


مطالب طبية بالترخيص لتحديد جنس المولود مستقبلا
موضوع مهم أخر يتعلق بتحديد جنس المولود، ففي الوقت الحالي صار بإمكان الأطباء التدخل لاختيار جنس الجنين، ففي الأردن تم إصدار فتوى تُبيح الحصول على مولود ذكر عن طريق التلقيح الاصطناعي، بعد إنجاب بنت ثالثة أو لأسباب جينية متعلقة بأمراض وراثية متعلقة بجنس المولود، والتحقت بالركب السعودية ولبنان، إلا في الجزائر يتساءل الدكتور شريف نذير"لا تسمح الجزائر بهذه العمليات لأسباب أخلاقية ودينية، لكننا نطالب بها لدينا عائلات تتمنى مولودا ذكرا بعد إنجاب عدة إناث، وآخرون يملكون المال وليس لهم وريث ذكر، وعائلات تحلم بمولود أنثى..الإشكال في الجزائر أن المجتمع لم يتقبل إلى اليوم أطفال الأنابيب، فكثير من العائلات أنجبت بهذه الطريقة تخفي الأمر على العائلة وكأنها ارتكبت حراما، وهو ما يُحتم الحديث عن الموضوع في المساجد، وتنظيم وزارة الصحة ندوات تتطرق للظاهرة لأن العقم مرض مثله مثل السكري وغيره...."  .


ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لـ بوابة الجزائر ©