-->

الثلاثاء، 17 مارس 2015

زواج الفاتحة.. تحايل على الدين والدولة


تتهرب العديد من الأرامل والمطلقات من توثيق عقود الزواج الثاني في حال إعادة الارتباط برجل آخر بعد زواج انتهى بموت الزوج الأول أو بالطلاق، وذلك لعدة أسباب اجتماعية وأخرى مادية متعلقة بمنحة مالية أو تقاعد يحال تلقائيا لصالح الزوجة بعد وفاة زوجها، وأصبح زواج الفاتحة حلا مناسبا للعديد من النساء تشترطنه بمحض إرادتهن كونه من جانب الشريعة الإسلامية زواجا حلالا إذا اكتملت فيه كل شروط الزواج الشرعي كالولي والشهود والصداق ورضى الطرفين، لكن اقتران الخطبة مع قراءة الفاتحة لا يعد زواجا حسب قانون الأسرة المعدل والمتمم بالأمر الرئاسي 05-02 المؤرخ في 27 فيفري 2005، وذلك لحماية البنات من تلاعب الشباب بعواطفهن وشرفهن تحت غطاء الزواج الشرعي.

يرى البعض أن النساء الأرامل والمطلقات لسن في حاجة لتوثيق الزواج في حال تكراره خاصة إذا خرجن من تجربة طلاق مريرة نتيجة معارك قضائية بسبب الحضانة والنفقة والسكن فيصبح تفكيرهن في إعادة الزواج بدون توثيق العقد لتسهيل الانفصال في حال عدم التفاهم أو استحالة الحياة الزوجية وهو ما أكدته لنا نساء عشن تجارب زواج صعبة انتهت بطلاق عسير، تشترطن الارتباط برجل أخر لكن بالفاتحة لاعتقادهن أنه زواج شرعي على سنة الله ورسوله، لكن هناك أسباب خفية وراء رواج زواج الفاتحة وسط الأرامل والمطلقات متعلقة بأسباب مادية وحسابات مالية تحول زواج الفاتحة إلى مجرد تحايل  على الدين والدولة.

السيدة نادية البالغة من العمر 44 عاما والتي هجرها زوجها قبل 15 عام وترك لها ثلاثة أطفال حصلت على الطلاق بحكم قضائي  حيث حكمت لها المحكمة بالحق في الحضانة  بنفس منزل الزوجة وهو عبارة عن سكن اجتماعي باسم طليقها، وبما أنها تطلقت في سن مبكرة فكرت في إعادة الزواج مرة أخرى برجل مرتبط  لكن بالفاتحة مع توفر كل شروط الزواج الشرعي، لكن بعد عودة طليقها من فرنسا رفع ضدها قضية لضم حضانة أطفاله الثلاثة على اعتبار أن طليقته أعادت الزواج مرة أخرى، لكن السيدة نادية أثبتت أمام المحكمة بأنها لم تتزوج مرة أخرى لعدم ثبوت الزواج في عقد موثق لدى مصالح الحالة المدنية، وربحت المعركة القضائية بسهولة، غير أن طليقها رفع ضدها قضية أخرى لحضانة أطفاله متهما إياها بالفاحشة "الزنا" لأنها تعيش مع رجل غريب دون زواج ووقعت المرأة في حرج ديني كبير لأنها نفت زواجها أمام المحكمة ولا تزال تفاصيل القضية في أروقة العدالة.

من بين القضايا الأخرى لزواج الفاتحة الذي تم بهدف مادي حتى لا تخسر الأرملة منحة زوجها الأول، هي قضية السيدة "كلثوم" أرملة رجل حصلت بعد وفاته على منحة بالعملة الصعبة ، وتشترط الإدارة الفرنسية لتحويل المنحة لصالح الزوجة شهادة عدم تكرار الزواج ووجدت السيدة كلثوم نفسها في حال زواجها مرة أخرى أنها ستخسر منحة مالية معتبرة تمكنها من شراء منزل أو بناء سكن يليق بطفليها، لكن مع الوقت قررت العائلة أن تزويجها بأحد أقارب زوجها المتوفى وهي عادات لا تزال قائمة في المجتمع الجزائري حفاظا على الأرامل وحماية للأطفال اليتامى، فتزوجت بالفاتحة من شقيق زوجها الذي يصغرها بخمسة أعوام وأنجبت فتاة تسمى"حياة" بقيت دون شهادة ميلاد حتى سن التمدرس، وكانت العائلة في كل سنة تستخرج شهادة عدم تكرار الزواج استنادا إلى شهود يزورون أقوالهم حتى لا تتوقف المنحة المالية التي استفادت منها كل العائلة وأصبحت مصدر رزق بالنسبة لهم، لكن حاجة الطفلة الصغيرة إلى شهادة ميلاد في ملفها الدراسي، دفعت بالعائلة مرة أخرى للتزوير من خلال تسجيل الطفلة باسم عمها وزوجة عمها، ولم تدرك ذلك حتى بلغت سن معينة حيث لاحظت الفرق في شهادة ميلادها أن والدتها هي زوجة عمها ووالدها هو عمها.. هذه القضية الخطيرة من بين آلاف القضايا التي يلعب فيها زواج الفاتحة دورا في التزوير والتحايل على القانون بتواطؤ العديد من الأطراف سواء في مصالح الحالة المدنية أو من طرف الشهود الذين يشهدون زورا.

قضية السيدة عائشة ابنة شهيد تبلغ   من العمر 60 عاما وهي تقطن بضواحي العاصمة تزوجت في بداية السبعينيات من رجل عقد قرانه عليها وعاشت معه سنوات صعبة من الزواج الذي لم يدم سوى ثلاث سنوات رزقت منه بطفل وحيد، قررت عدم الزواج مرة أخرى والارتباط بالوثائق نظرا لما عاشته من مشاكل للحصول على حريتها، وبعد سنوات تقدم لخطبتها رجل متزوج وأب لثمانية أطفال، وصارحته بعدم رغبتها في عقد الزواج لدى مصالح الحالة المدنية على أن يتم الزواج بصورة شرعية بحضور الشهود وإمام المسجد، وعاشت معه سنوات طويلة إلى غاية صدور قانون استفادة ابنة الشهيد من منحة تقدر بثلاثة آلاف دينار تم رفعها فيما بعد إلى 5 آلاف دينار شهريا في حين تستفيد ابنة الشهيد المطلقة أو الأرملة أو التي لم يسبق لها الزواج من منحة 7 ألاف دينار، وبعد وفاة الأم أرملة الشهيد فان منحة 56 ألف دينار شهريا يتم اقتسامها بالتساوي بين بنات الشهيد الأرامل والمطلقات بالتساوي.. هذا القانون سمح برواج زواج الفاتحة وعدم توثيق الزواج لأن شرط الاستفادة من منحة 7 آلاف دينار شهريا أو منحة الأم هو عدم تكرار الزواج، وتقوم السيدة عائشة كل سنة باستخراج وثيقة عدم تكرار الزواج بحضور شهود مقابل بعض المال أو أصدقاء زوجها الثاني وهي لا تفكر فيما إذا كانت تقترف ذنبا أو فاحشة بإنكار زواجها القائم شرعا وما إذا كان زواج الفاتحة باطل بشهادة شاهدين  يقران بعدم زواجها، أو هو مجرد إجراء صوري يمكنها من الاستفادة من المال خاصة إذا كانت  تصل 56 ألف دينار شهريا.

ويرى رجال القانون أن زواج الفاتحة ما لم يوثق فهو غير معترف به مدنيا وقانونيا ويمكن الأرملة أو المطلقة من الاستفادة من مستحقات زوجها الأول سواء المنحة أو السكن أو ما يترتب بعد وفاته، ومن المستحيل إثبات تكرار الزواج في أي ملف تقدمه الأرملة ما لم يعترض عليه من طرف المقربين منها كالزوج أو الإخوة مثلا.

ويعد زواج الفاتحة وسط الأرامل أحد أبرز الطرق للتحايل على القانون للاستفادة من منح وتقاعد وأموال الزوج الأول، أما من الجانب الديني فيرى بعض الأئمة أنه يبطل الزواج بمجرد إثبات عدم تدم وقوعه في محضر رسمي كشهادة عدم تكرار الزواج المحررة والمصادق عليها في مصالح الحالة المدنية وبما أن الزواج من شروطه الإشهار فن نكرانه يعتبر فسخا للرابطة الزوجية أو لزواج الفاتحة.


انقر هنا لقراءة المقاله من مصدرها

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لـ بوابة الجزائر ©