صبّت كل تدخّلات المشاركين في ندوة الشّروق حول مشروع تعديل قانون الأسرة في رفض سلسلة القوانين التي تستهدف تماسك الأسرة الجزائرية، مؤكدين أن التعديلات السابقة كانت كارثة على المجتمع، حيث زادت حالات الطلاق بشكل لافت، كما فتح الباب للزواج العرفي بسبب القيود المفروضة على تعدد الزوجات، وما ينجر عن ذلك من اختلاط للأنساب، وأكد هؤلاء أنه ينبغي على المشرع أخذ خصوصيات المرأة الجزائرية في كل تعديل لقانون الأسرة.
الحقوقية فاطمة الزهراء بن براهم :
جمعيات متواطئة مع ناشطات يهوديات لتفكيك الأسرة الجزائرية!
فتحت الناشطة الحقوقية والمحامية فاطمة الزهراء بن براهم، النار على بعض الجمعيات النسوية الجزائرية التي تتواطأ مع جهات خارجية تصدر توصيات لضرب قيم المجتمع الجزائري، وقالت بن براهم إن رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة اتخذ قرارا سنة 2005 ، بمناسبة عيد المرأة من خلال خطابه الذي فاجأ حسبها الكثير، عندما حسم الجدل الذي أحدثه تعديل قانون الأسرة فيما يخص الولي الشرعي للمرأة عند الزواج.
واعتبرت بن براهم أن الخطاب من أهم خطابات الرئيس، لأنه أنقذ البلاد مما وصفته "بالكارثة التي كانت ستفجر الأسرة والمجتمع" وتحقق حسبها خطة رسمتها الناشطة اليهودية "رودي" التي حقنت رؤوس ممثلات لجمعيات حقوقية جزائرية، بأفكار منافية للدين الإسلامي.
وأوضحت المحامية فاطمة الزهراء بن براهم في منتدى "الشروق"، أن اقتراح تعديل قانون الأسرة جاء باقتراح من المجلس الأوروبي عن طريق توصية 1293، وهي أخطر ما عرفه العالم الإسلامي والعربي، وهي نتاج تقرير للناشطة "رودي كارستا" نائب رئيس البرلمان الأوروبي المتشبّعة باليهودية المسيحية، حيث أعطت نظرة عن الجزائر منها أمور غريبة تتعلق بالطلاق والعنف ضد المرأة وتفاعلت مع بعض الجمعيات المغربية والجزائرية على وجه الخصوص، وتنفيذ حسب بن براهم لهذه التوصيات فتح باب النقاش حول قانون الأسرة.
وأكدت الناشطة الحقوقية بن براهم، أن المجلس الأوروبي يضغط على الأمم المتحدة من خلال أجندة نيويورك، للعمل على القاعدة الاجتماعية لبلدان المغرب العربي، وأجندة نيويورك تضغط على السياسيين والحكومات للتنفيذ، مضيفة أن هذه التوصيات بدأت بفكرة محاربة تعدد الزوجات، وإلغاء الولي يبالسماح للمغربيات والجزائريات للعيش في أوروبا حتى ولو كن متزوجات ولديهن أولاد.
وقالت إنّ هذه التوصيات وجهت للسفراء في أوروبا لتسهيل تطبيقها، وهي نقطة لم يتفطن لها المجتمع ولم يطلع عليها الجزائريون إلا المختصين والباحثين في السياسات الأوروبية تجاه المغرب والجزائر.
وحسب بن براهم فإن الإشكال الذي طرح سنة 2015، استدعى خلق الهيئة الجزائرية للحفاظ على الأسرة الجزائرية موازية للجنة الرسمية، وأن تخوفها من إلغاء الولي الشرعي وصل لحد إصابتها بـ"السكري"، حيث قالت "فوجئت بموقف بوتفليقة.. كان ذكيا فترك الجدال قائما بين اللجنة المؤسسة من طرف السلطة سنة 2005، والشعب وأنقذ في الأخير الجزائر من الخطر".
بوتفليقة أنقذ الجزائر من مهزلة إلغاء الولي الشرعي في الزواج
بن براهم تعتبر أن التخوف اليوم من التعديل الجديد لقانون الأسرة ليس بالحجم الذي كان خلال طرح إشكالية الولي الشرعي، التي مررت بطريقة شيطانية عن طريق جمعيات مسمومة، بعد أن كانت أفكارا غريبة في إطار أجندة "نيويورك".
وقالت المحامية بن براهم، إن الخطر عائد إلينا من خلال قانون الأسرة الحالي، وقانون العقوبات، وتساءلت "هل نريد أن ندفع برجالنا للسجون؟! ونرمي بنسائنا للشارع وأطفالنا لدور الحضانة؟!"، ثم أضافت "إن لجنة 2005 لعبت دورا جزئيا فقط، واليوم تأتي اللجنة الجديدة لمراجعة قانون الأسرة لتأخذ الجزء الثاني".
وأشارت بن براهم في ذات السياق أن أجندة نيويورك لديها دورا سياسيا وهو المنتظر في السنوات القادمة، وبعض السياسيين وممثلي المجتمع المدني منقادون وراء ذلك دون وعي منهم، حيث ترى ضرورة جعل الأسرة في مركز النقاش، وكمحور أساسي لكل القوانين.
مئات الملفات لقضايا الطلاق والخلع تجتاح مكاتب المحامين
شبهت بن براهم، الطرح الجديد لقانون الأسرة بالمثل القائل "عريان يبحث عن حزام سروال"، مؤكدة "أن الخطأ مسموح في الجانب السياسي والاقتصادي، لكن الخطأ في حق الأسرة تحطيم للهرم الاجتماعي، وبهذا تنهار الدولة".
وانتقدت الحقوقية فاطمة الزهراء بن براهم، طريقة التعامل مع قانون الأسرة بعيدا عن استراتيجيات توضح حاجياتها وطرح يحدد ما تريده الدولة لكي تحمي هذه الخلية، موضحة أن لكل مجتمع خصوصياته "لماذا نأتي بإملاءات خارجية لا نعرف عنها شيئا، هدفها تحطيم الأسرة الجزائرية؟".
وحسب المتحدثة، فإن تعدد الزوجات بالطريقة التي أتى بها قانون الأسرة الحالي "كارثة" يجب مواجهتها، خلفت المئات من ملفات الطلاق والخلع التي تطرح أمام مكاتب المحامين يوميا، حيث تقول إن المرأة اليوم أصبحت مهانة أكثر ومدفوعة للطلاق في حالة عدم الموافقة على زواج زوجها بأخرى، وباتت العلاقات غير الشرعية والخيانة والزواج العرفي تهدد المجتمع وتعيدنا للعرف ونحن في 2015.
وقالت بن براهم إن حضانة الطفل في قانون الأسرة الجزائري أكبر "حڤرة" تواجهها المرأة وتدفع بها إلى الشارع وتعرضها للسقوط بين أنياب شبكات الدعارة.
الدكتور عبد الرزاق ڤسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين:
أصحاب التّوجه "اللاديني" وراء قوانين تدمير الأسرة الجزائرية
انتقد رئيس جمعية العلماء المسلمين، الشيخ عبد الرزاق ڤسوم، إقصاء السلطة لعلماء الفقه والشريعة في صياغة مختلف القوانين المنظمة للحياة العامة في مختلف جوانبها، خاصة فيما يتعلق بالقوانين المتعلقة بالقوانين المنظمة للأسرة والمجتمع.
وقال الشيخ عبد الرزاق ڤسوم في ندوة "الشروق" حول تداعيات تعديل قانون العقوبات وتعديل قانون الأسرة: "ما نعيب على السلطة هو عدم الاستنجاد بالعلماء والمختصين في هذا المجال، فالقانون لوحده لا يكفي، ويجب ان يكون مطعما بفقه الدين، فلماذا أغفل علماء الدين والمختصون الذين من شأنهم أن يضيئوا القوانين بالفقه الديني الصحيح، ولماذا نجري هذه التعديلات في هذا الظرف المتأزم بالذات"، وتابع رئيس جمعية العلماء المسلمين: "ليس العيب أن نخطئ ولكن العيب أن نستمر في الخطأ، فمادام أن هذه القوانين تشجع على النشوز والخلع والطلاق، فما الداعي وراء الاستمرار في تطبيق هذا القانون، فلماذا لا نعيد النظر في كل هذا، ولماذا لا نسند مهمة بناء هذا القانون لهيئة مختصة من علماء الدين ورجال القانون يجمعون فيه ما يتلاءم مع مجتمعنا وديننا وعقيدتنا".
ومن جهة أخرى، أوضح الشيخ ڤسوم قائلا: "الأصل في القانون هو حماية الإنسان وإسعاده لا معاقبته، ولكن إذا بنينا الأسرة على العقوبات فأي سعادة ستكون لهذه الأسرة، وأين مستقبل الأسرة في ظل هذا القانون؟ وتابع الشيخ ڤسوم في سياق متصل: "لو قالوا قانون إسعاد الأسرة مثلا أو قانون حماية المرأة من التعسف فهذا مقبول، ولكن أن يطلق عليه "قانون العقوبات" فهذا غير معقول، خاصة وأن القانون يقوم على أساس معاقبة الزوج والأب والابن ويركز على معاقبة الزوج بشكل خاص، نحن نعتقد أن الأساس في العلاقة الزوجية هو قيامها على أساس الحب والمودة كما ينص على ذلك ديننا الحنيف، لا على العقوبة التي تؤدي إلى "النشاز" وإلى التصدع داخل البيت الواحد، ولهذا فأنا أعتقد أنه من أولى الأولويات أن تتم إعادة النظر في هذا القانون، وخاصة فيما يتعلق بقضية "العقوبة".
وأشار الشيخ ڤسوم في سياق متصل إلى أن هذا القانون من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم كل من ظاهرة الطلاق والخلع والتفكك الأسري، مشكلة السكن وتعدد الزوجات، متسائلا: "هل نحتكم في هذا إلى قانون الله أم إلى قانون "بيكين" وقانون هيئة الأمم المتحدة؟ وهذه في رأيي أهم النقاط التي يجب ان نعيد النظر فيها".
واتهم ڤسوم أصحاب التوجه اللاديني بالوقوف وراء مشروع تدمير الأسرة الجزائرية من خلال إقرار مثل هذا النوع من القوانين، حيث قال: "المرأة الجزائرية كما يقول الشيخ الإبراهيمي تنتحب ولا تنتخب، فمادام أنها تنتحب فيجب مسح دموعها وإعادة البسمة إلى وجهها وبعد ذلك نحاول أن نعزز تواجدها بقوانين ولكن أصحاب التوجه "اللاديني" الذين يقولون بأن تمسكنا بتعاليم الدين وراء الأخطاء التي نقع فيها ومن ثمة يجب مقاومتها، نحن لا نلزم الناس بتطبيق الشريعة الإسلامية، ولكن هذا لا يعني أن نسن قوانين بعيدة كل البعد عن الإسلام في بلد 90 بالمائة من شعبه مسلم، فالمشكلة الأساسية هي مع الذين يعارضون تطبيق الإسلام ومبادئه الإنسانية".
ووجه الشيخ ڤسوم رسالة إلى المرأة الجزائرية مفادها ان سعادتها ومصلحتها في بيت عائلي يسوده التفاهم والمودة والسعادة، فلا يمكن للمرأة أن تعيش سعيدة بإنزال العقوبة على زوجها او ابنها او والدها، وليس من صالحها، مشيرا إلى انه متفائل بطلب رئيس الجمهورية مراجعة القانون قائلا: "نحن متفائلون بعد أن طالب رئيس الجمهورية بإعادة النظر في قانون العقوبات، ولكن كيف يمكن إعادة النظر في هذه القضية؟ عليه أن يستعين بالأخصائيين من العلماء ورجال القانون حتى نأتي بقانون متكامل يأخذ بعين الاعتبار الانفتاح على القيم الانسانية النبيلة والمرجعية الإسلامية الأصيلة، وهذا طلبنا مادام انه أقسم اليمين على احترام الدين، ولهذا فنحن نطالبه بتجسيد هذا فيما يتعلق بقانون الأسرة".
حسين خلدون عضو اللجنة الوطنية الاستشارية لحماية حقوق الإنسان:
تطرف الجمعيات النسوية والغلو الديني فتح باب استغلال المرأة
اعتبر المحامي وعضو الهيئة الاستشارية لترقية وتطوير حقوق الإنسان حسين خلدون، أن تطبيق قانونيْ تجريم العنف والتحرش ضد المرأة، سيواجهان صعوبات في أروقة العدالة، فأي قضية حسبه لابد أن تكون لها أدلة وإثبات، فهل تكفي شهادة العجز التي تحضرها الزوجة لإدانة زوجها، وكيف ستُثبت الزوجة التعدي عليها لفظيا، وبالتالي القانونين هما تطرف في الفكر وليسا فكرا قانونيا، ويضيف "توجد الكثير من النصوص القانونية، ليس لها تطبيق على أرض الواقع، بسبب أن الجزائرية بطبعها لا تحبّ تهديم أسرتها، ما يجعل القضاء آخر اهتماماتها، لكن بعض الجمعيّات النسويّة التي اعتبرها متطرفة، هي من تشجع النساء على إيداع شكاوى بأزواجهن، بحجة التحرر بعد ما يقنعن المرأة بامتلاكها سلاحا تواجه به زوجها وتحاسبه على أبسط غلطة... الأصل من قوانين تجريم العنف والتحرش هو حماية المرأة وليس تهديم الأسر. وتأسّف المحامي لانتشار ظاهرة التحرش في شوارع الجزائر ومقرات العمل ووسائل النقل "الأمر أصبح ظاهرة تستحق التجريم فعلا، لكن ما يعاب على المُشرّع الجزائري، أنه أتى بقوانين لا تتحدث عن الوقاية من التحرش، بل ذهب مباشرة لتجريم الفعل، والذي سيجد عراقيل في القضاء، حيث سيُفلت المتحرشون من العقاب لوجود ثغرات قانونية كثيرة".
ويرى محدثنا أن قضية المرأة تحولت من نقاش كان لابد أن يهتم بمشاكلها وحمايتها، فجعلناها خصما للرجل، وبعض بنود قانون الأسرة المعدل في 2005 والقوانين التي صادق عليها البرلمان مؤخرا خلفت عداء بين الرجل والمرأة. واتّهم خلدون تطرف الجمعيات النسويّة التي تسعى لتقليد نمط العيش الغربي، وغلوّ بعض الأطراف الدينية تجاه المرأة التي تحاول جعلها عبدا تابعا، هي من فتحت باب استغلال النساء، وختم محدثنا "قانون تجريم العنف ضد المرأة لايزال مُعلقا، بإمكان أعضاء مجلس الأمة رفضه، حتى وإن وافق عليه، يمكن للرئيس تعديله أو الغاءه".
تهامي ماجوري: قانون الأسرة الحالي بعيد عن انشغال وواقع الجزائريين
انتقد تهامي ماجوري عضو المجلس الوطني لجمعية علماء المسلمين في منتدى الشروق، بعض التعديلات في قانون الأسرة والتي أصبحت لا تطابق حسبه، خصوصيات المجتمع الجزائري، وقال إن الاقتراحات التي يناقش فيها على المستوى السياسي فيما يخص القوانين بدأت تبتعد عن أضواء الفقه الإسلامي.
وأكد أن هناك قضايا سياسية لا ينبغي أن تأثر في القوانين العامة لحياة الجزائريين، مشيرا إلى أن الأسرة تجمع إنساني وجد قبل القانون نفسه، وحماية الأمن العام يبدأ منها عن طريق حماية الأشخاص وليس تجريمهم، حيث أن قانون الأسرة الجديدة أكثر ما يميزه هو الشطر المتعلق بجلسات الصلح.
ودعا ماجوري، ضرورة إشراك علماء الفقه والمختصين لاستدراك النقائص التي تشوب القوانين المتعلقة بالأسرة وتقييمها بالقيم الدينية مع ترشيد النفقات في إطار ما ين صبه الشرع.
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق