-->

الخميس، 2 أبريل 2015

إيفا بيرون .. الزعيمة الروحية للشعب الأرجنتيني

إيفا بيرون

المطلع على سير الملوك والقادة والساسة عبر التاريخ يجد أن النقطة التي تصنع الفارق بينهم هي مدى ولاء الشعب البسيط لهم، بعيدا عن أصحاب النفوذ والانتهازيين، وهذا الولاء لا يكون إلا بجهود صادقة في إصلاح شؤونه، وإرساء قيم العدالة الإجتماعية وقد نجحت العديد من القيادات النسوية على مدى العصور في تحقيق ذلك.

من أبرز النماذج في العصر الحديث زوجة الرئيس الأرجنتيني السابق خوان بيرون، الملقبة بسانتا إيفيتا أي القديسة الصغيرة، تلك الفتاة القروية الأمية المنحدرة من عائلة فقيرة، قفزت على يافوخ المجد، ونحتت اسمها في قلوب الشعب الأرجنتيني، وخُلّدت في سجلات التاريخ كسيدة أولى حققت ما عجز عنه أبرز زعماء  العالم. DreamTemplate

ولدت ماريا إيفا في 7 ماي 1919 في إحدى قرى خونين، من علاقة غير شرعية بين والدها الإقطاعي خوان دوارتي، ووالدتها خوانا ايبارجورين، حيث تميزت الأرجنتين في تلك الحقبة بمجتمع لا شرعي مواز جراء تكوين رجال الطبقة الراقية لأسرتين؛ إحداهما قانونية والأخرى غير قانونية، مما أدى إلى ظهور التمييز العنصري بين المجتمعين، وبعد وفاة والدها هاجرت مع أمها وإخوتها إلى العاصمة بويس آيرس، فاضطرت للعمل في ظروف قاسية تحت وطأة التميز العنصري، ولما بلغت الخامسة عشر من عمرها برزت موهبتها في المسرح والسينما، ففتحت لها الإذاعة الوطنية أبوابها، واستطاعت أن تكسب حب الجماهير لها، فساهمت في تأسيس اتحاد الإذاعة الأرجنتيني سنة ،1943 الذي نصبت رئيسة له بعد سنة من تأسيسه.

وبعد زلزال سان خوان سنة 1944، التقت خوان بيرون وكان يومها أمينا عاما للحكومة فاختارها زوجة له، فاستغلت منصبها الإذاعي لتنشط بهمّة عالية حملته الإنتخابية سنة 1946 وتشحد له عددا معتبرا من المناصرين، فكان لها الفضل الأول في تغلبه على منافسيه واعتلائه هرم السلطة.

واصلت نشاطها كناطقة رسمية باسمه، ووقفت إلى جانب الشعب في مجموعة من المطالب والقضايا، من بينها حق المرأة في الاقتراع عام 1947، فضلا عن تحقيق المساواة السياسية بين الرجل والمرأة، ثم أسست الحزب البيرونى النسائي في عام 1949 وتولت رئاسته حتى وفاتها.

وكان من أبرز مشاريعها مؤسسة "صندوق إيفا للأعمال الخيرية" التي نجحت في إنشاء العديد من مستشفيات والملاجئ والمدارس، كما نهضت بقطاع السياحة الإجتماعية، عن طريق إنشاء معسكرات ومنتجعات لقضاء الإجازات الصيفية، وشجعت على السياحة عن طريق إنشاء منتجعات لقضاء العُطلات الصيفية، كما كان لها السبق في تخصيص منح للطلبة، ومساعدات للسكن.

أما على صعيد التنمية البشرية، فقد حفزت الأطفال والشباب على ممارسة الرياضة، وتنظيم بطولات وتظاهرات وطنية،  ودعمت المرأة في مجالات عدة، وكانت همزة وصل بين مختلف النقابات والسلطة.

كان لجهودها الحثيثة وقعا منقطع النظير لدى الشعب، حيث أحبها البسطاء وزكّاها العمال إلى الترشح لمنصب نائب الرئيس سنة 1951، لكنها تنازلت عن ذلك بسبب الصراعات الداخلية بين زوجها ومعارضيه.

وفي 26 من جويلية سنة 1952 استيقظ الشعب الأرجنتيني على نبأ وفاة محبوبتهم ايفيتا بيرون، بعد صراع  مع سرطان الرحم وهي ابنة 33 عاما، نعاها الشعب وبكاها أياما، وأقيمت لها مراسيم جنائزية بمرتبة الشرف من طرف مجلس شيوخ الأمة كما قاموا بتحنيط جثمانها والاحتفاظ به.

وبعد سنتين من وفاتها سقط حكم زوجها خوان بيرون، ورغم الإتهامات التي وجهها لهما خليفته في الحكم، بعد الكشف عن ثروتهما، إلا أن الشعب ظل مخلصا ومحبا للمرأة التي وقفت إلى جانب الفقراء والمستضعفين.


منقوله من جواهر الشروق

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لـ بوابة الجزائر ©