أصبحت المتطلبات المالية للأسرة اليوم أكبر من إيراداتها، فلا يعرف الزوجان ماذا يفعلان، وهما في الوقت نفسه لا يفكران في تقليص المصروفات، أو زيادة الدخل، أو توزيع متطلبات البيت على الأيام والشهور، فتصبح الإستدانة هي الحل الوحيد، حتى أن بعض الأسر تستدين للسفر وهو من الكماليات.
كارثة الفيزا كارد!
وقد ازدادت الديون في البيوت العربية ووقع الأزواج والزوجات في حبائلها بسبب التسهيلات والإغراءات التي قدمت لهم عبر القروض البنكية الشخصية الاستهلاكية التي تمنح فيزا كارد للتسوق والشراء بمبلغ يزيد عن راتب الزوج، مما ألقى على كاهلهم عبء الديون والسداد، بالإضافة إلى النزعة الاستهلاكية العالية التي تتصف بها للأسف أغلب أسر الشعوب العربية، وبسبب هذه القروض البنكية وجد الناس أنفسهم قد تورطوا بقروض لا يعلمون كيف ومتى ولماذا اقترضوها، بل لا يعلمون كيف يتخلصون منها!
التحاور الأسري.. وزيادة الرزق
لتجاوز هذه الأزمة لابد للزوجين من التحاور مناقشة أفكارهم ومشاريعهم التي يرغبون في تحقيقها هذا العام، فمع الأسف أكثر الرجال تعود التفكير بصمت، حيث يضع المخططات ويبدأ في تنفيذها دون إشراك الزوجة، وذلك نبعاً من عدم ثقته في وعي زوجته وتفهمها، أو خوفا من رد فعلها السيء لو عجز عن تحقيق هذا الهدف، وهذا يتسبب بشعور الزوجة بتهميشها ويدفعها للتمادي في الطلبات، وبالتالي فجلوس الزوجين للمناقشة والمصارحة هو بداية الطريق الصحيح للاستقرار المادي للأسرة.
كما نجد بعض الأزواج يخفون عن زوجاتهم الدخل الحقيقي لهم وهذا يسبب ضرراً بالغاً إذا شعرت الزوجة بذلك، حيث تلجأ للضغط المالي على زوجها ظناً منها أنه يخفي عنها أمواله لغرض ما، فتكثر في الديون حتى يعود هو للتسديد، كذلك على الزوجين أن يصارحا الأبناء بحدود الدخل الخاص بهم حتى لا يزيدوا ضغوطهم على الوالدين خاصة الأم التي غالباً ما تستجيب لضغوط الأبناء عندما يقارنون أنفسهم بأولاد عمهم أو خالتهم أو حتى بزملائهم في المدرسة، بالإضافة لإقبالهم على الوجبات السريعة والمياه الغازية غير الصحية والتي تستنفذ جزءاً كبيراً من الميزانية.
وهناك العديد من القواعد التي يجب أن يتحلى بها الزوجان أولها التقوى وحسن التوكل على الله تعالى، والاستغفار، فمن لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا ورزقه من حيث لا يحتسب، كما أن البر وصلة الرحم من أهم عوامل جلب الرزق فمن سره أن يمد له في عمره ويزاد في رزقه فليبر والديه وليصل رحمه، بالإضافة إلى المحافظة على الصلاة ،والتكبير والحمد والشكر، وكثرة الصدقات، وهناك قواعد تقلل الرزق وتقلل الدخل كالتعامل بالربا والمعاصي والذنوب والاحتكار، والبخل والكذب والغش، والإسراف والتبذير.
فوائد كتابة الميزانية
وفي دورة عن سبل إدارة ميزانية الأسرة وضح الدكتور جاسم المطوع أن كل أسرة لديها مشاريع متجددة باستمرار تتطلب موازنة في الميزانية، فوجود طفل جديد يحتاج ميزانية، كذلك مدارس الأولاد تحتاج مصاريف خاصة، ودخول الشتاء يحتاج للاستعداد بالملابس الشتوية وغير ذلك، والمشكلة الأساسية في مجتمعاتنا عدم الاقتناع بضرورة كتابة الميزانية في دفتر لتسجيل المصاريف، والأغلب يسيرون في حياتهم بشكل عفوي لأنه يعتمد على أمواله الموجودة في البنك، وإذا انتهت يعود للقروض البنكية والسحب بالبطاقة ومن هنا تبدأ الديون، وتصاب الأسر بالفقر.
ولكتابة الميزانية فوائد عديدة لأنها تعلم الزوجين التوفير وهذا تأمين جيد للمستقبل، بالإضافة إلى أنها تقلل من المفاجآت المستقبلية في حالة حدوث طوارئ أسرية، بل وتساعد في اتخاذ القرارات المستقبلية التي يمكن للأسرة الدخول فيها، وتقي الزوجين الحياة في فوضى مالية فقد يصادف الأسرة مشروعان ترغب في دخولهما معا، وهنا تحدد الميزانية لهما أي المشروعين يمكنها الالتزام به وله الأولوية.
تدوين الإيرادات والمصروفات يجب أن تتضمن عدة بنود على رأسها الطعام والأقساط المطلوبة سواء للسيارة أو للشقة أو لجمعية أو غيره، ومصروفات الأولاد والزوجين، بالإضافة لمصروفات البيت من كهرباء وماء وتليفون... الخ، ويتم التسجيل أسبوعياً بحجم الراتب وما هو متاح وفقاً لأولويات ولا يتم إنفاق أكثر مما تم تحديده.
ومع وصول راتب الزوج يتم تخصيص ظرف لكل قسم، وتقسيمه ووضع ما تم تحديده من الراتب في كل ظرف بشكل أسبوعي، ومع مرور ثلاثة أشهر مثلاً يراجعون ما تم كتابته ويحددون ما يمكن الاستغناء عنه، وهنا فعلى الزوجة أن تكون حكيمة في استغلال فترات العروض والتخفيضات لشراء الملابس
آخر المطاف
ورغم تحديد الزوجين للميزانية بشكل جيد، فهناك بعض الظروف الضرورية التي قد يجد الزوجان نفسهما مضطرين إلى الدين، وهنا فقبل الإقدام على هذه الخطوة عليهما أن يسألا نفسيهما عدة أسئلة:
1-هل الشيء الذي سوف نستدين من أجله ضروري للغاية؟
2-هل وقت الاقتراض مناسب - يعني لا يوجد التزمات أخرى يجب أن يسددونها؟
3-هل المبلغ الذي سنقترضه سداده سوف يؤثر على ميزانية الأسرة؟ وماهو نوع التأثير؟
4-ما هي القرارت التي سوف نتخذها في الأسرة لضمان تسديد القرض، وعن ماذا سوف تتخلى الأسرة من احتياجاتها خلال فترة سداد القرض؟
5-كم سيستغرق سداد الدين؟
6-هل نحن قادران على تحمل هذه الفترة والشدة والضيق الذي سوف نكون فيه؟
وإذا كانت الإجابات واضحة وسهلة فقد يقدم الزوجان على الخطوة، لكن سياسة ربط الحزام يجب أن يأخذها رب الأسرة بعد اتخاذه قرار الاقتراض، فليس كل إنسان يتحمل هذه السياسة ولا كل أسرة، ولهذا يجب أن تكون الرؤية واضحة لجميع الأطراف في مستقبل الأسرة ومشروعاتها الترفيهية التي سيتم الحد منها.
منقولة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق