-->

الثلاثاء، 12 يناير 2016

"يناير".. يوم لاستحضار أساطير الأمازيغ


يحتفل الليلة (سهرة الاثنين) سكان منطقتي القبائل والأوراس بالشرق الجزائري برأس السنة الأمازيغية 2966، بإحياء طقوس تضرب جذورها في التاريخ القديم. ميزة المناسبة هذا العام أن السلطات قررت اعتماد الأمازيغية لغة رسمية بموجب تعديل للدستور يعرض على البرلمان للمصادقة الشهر المقبل.


وتأخذ الاحتفالات أشكالا عديدة، منها خروج النساء إلى حقول الزيتون لمناجاة الطبيعة محصولا وفيرا، وإعداد أطباق تقليدية من الأكل الشعبي المتوارث عبر الأجيال.
ويحمل "يناير" حسب المؤرخين معنيين، أحدهما يتصل بالسنة الفلاحية الجديدة، في حين يرى البعض أن منشأه يعود إلى انتصار الملك البربري شاشناق على رمسيس، في معركة وقعت سنة 950 قبل الميلاد بمنطقة بني سنوس بولاية تلمسان بأقصى الغرب الجزائري.
وحول التأريخ ليوم "يناير"، تقول أساطير إن الأمر يتعلق بحساب الأشهر الرومانية، بينما جاء في أخرى أن يناير (جانفي) كان قد طلب من "فورار" (فبراير) أن يعيره يوما لمعاقبة عجوز سخرت منه، فكان أن حلت في ذلك اليوم عاصفة شديدة أودت بحياة العجوز، فأصبح هذا اليوم في الذاكرة الشعبية رمزا للعقاب الذي يحل لكل من تسول له نفسه السخرية من الطبيعة.
وتتكون كلمة "يناير" من "ين" وتعني أول، و"أيور" ومعناه شهر، وهي متداولة في ولايات القبائل، خاصة في تيزي وزو وبجاية، وفي ولايات الأوراس خاصة باتنة وخنشلة. ويطلق البعض على المناسبة "ثابورت أوسفاس" وتعني باب السنة.
وترتبط الاحتفالات بالآمال الكبيرة التي يعقدها الأمازيع على السنة الجديدة، حيث يحلم الكبار والصغار بموسم فلاحي غني وبالثراء والتمتع بالصحة. وتتزامن السنة الأمازيغية الجديدة أيضا مع نفاد مخزون المؤونة التي يحتفظ بها الفلاحون تحسبا لفصل الشتاء، وتسمى محليا "العولة". ويمارس البعض في بيوتهم بعض الطقوس لإبعاد شبح الجوع خلال الموسم الجديد.
وجرت العادة أن تتوقف المؤسسات والمدارس والإدارات عن العمل، في 12 يناير/كانون الثاني من كل سنة بالمناطق الني بها الاحتفالات، دون الولايات الأخرى. ويسعى المدافعون عن الثقافة الأمازيغية منذ سنوات إلى إدراج "يناير" ضمن الأعياد الوطنية مثل عيد الثورة والاستقلال.
ويتم في غالبية البيوت طهي "الكسكسي" بالدجاج ليلة 12 يناير. ويفضل سكان القبائل ذبح الديك أمام عتبة البيت، ويعزفون عن شرائه مذبوحا. وقد درج أهل المنطقة قديما على إعداد سبعة أطباق متنوعة، يكون فيها البيض والخضر الجافة الغذاء الأساسي وأكلات محلية تشتهر بها المنطقة. وتقوم النساء بعد ذبح الديكة برمي ريشها في الحقول ويرددن هذه العبارة: "أيها العام الجديد منحناك الريش فلتمنحنا العيش"، وهو تعبير عن رجائهن تحقيق وفرة في الإنتاج، خاصة الزيتون الذي يعتبر مصدر رزق مئات العائلات الناطقة بالأمازيغية.
ويتوجه الرجال في هذا اليوم إلى الغابات لجمع أعشاب معينة، بغرض التحضير لأنواع من الشاي يتم شربها في الليل خلال اجتماعات تجري في البيوت، وهو شراب يعتقد في المخيال الشعبي أنه يجلب الصحة ويقوي الأبدان ويعالج بعض الأمراض.
وتقيم بعض العائلات ما يشبه جردا سنويا في هذه الليلة، فيقدم كل فرد منها حصيلة نشاطه في السنة التي انقضت للوقوف على ما تم تحقيقه من أرباح.


القراءة من المصدر

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لـ بوابة الجزائر ©